"الغارات الجوية الاسرائيلية" في سيناء دليل على نمو علاقاتها مع العالم العربي

أربعاء, 02/07/2018 - 17:48

شرت صحيفة نيويورك تايمز نهاية الأسبوع الماضي سبقا صحفيا مذهلا.

فقد نشر مراسلها ديفيد كيركباتريك تحت عنوان "تحالف سري: اسرائيل تنفذ غارات جوية في مصر بموافقة القاهرة" مقالا كشف فيه تفاصيل علاقات عسكرية سرية ومثيرة بين الجانبين.

وكتب كيركباتريك في مقاله، "منذ أكثر من سنتين، نفذت طائرات اسرائيلية مسيرة ذاتيا ومروحية ونفاثة حملة جوية سرية في سيناء شملت أكثر من 100 غارة داخل الأراضي المصرية - أحيانا اكثر من غارة واحدة في الأسبوع - وكل ذلك بموافقة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي."

يذكر ان مصر وقعت اتفاقا للسلام مع الدولة العبرية في عام 1979، ولكن السلام الذي نتج عن ذلك الاتفاق كان يوصف بأنه "سلام بارد."

وحتى الآن، لا يتم الاعتراف بأي تعاون بين الجانبين - ناهيك عن أي تعاون عسكري - الا فيما ندر.

مصدر الصورةEPA

Image captionادعت تنظيمات مسلحة مسؤوليتها عن عدة هجمات وقعت في سيناء

أساس الموضوع الذي تطرق اليه كيركباتريك هو أن الجيش المصري الذي يجاهد منذ فترة طويلة في التعامل مع حركات اسلامية مسلحة في سيناء قد طلب العون من اسرائيل. ويقول الكاتب إن هذه العلاقة لها منافع للجانبين.

وكتب كيكرباتريك، "بالنسبة للقاهرة، يعزز التدخل الاسرائيلي الجيش المصري في تصديه للمسلحين في سيناء والذي يخوض ضدهم حربا منذ خمس سنوات. أما بالنسبة لاسرائيل، فقد عززت هذه الغارات أمن حدودها واستقرار جارها المصري."

بدا أن المقال الذي نشره كيكرباتريك في النيويورك تايمز يعتمد على مصادر اسرائيلية وغربية بشكل شبه تام. وعندما نشر المقال، أثار غضبا في أوساط المعلقين الاعلاميين المصريين الذين وصفوه بأنه عبارة عن "صحافة غير مهنية" و"أخبار كاذبة."

مصدر الصورةTWITTER

Image captionتتعرض "ولاية سيناء" التي اعلن عن قيامها تنظيم الدولة الاسلامية لهجمات مكثفة في الأشهر الأخيرة

وأصر الناطق العسكري المصري على أن القوات الوحيدة التي تتصدى للمسلحين في سيناء هي القوات المصرية.

يذكر ان هذا النوع من التعاون بين القاهرة وتل أبيب - لو كان صحيحا - سيعد أمرا حساسا جدا بالنسبة للسلطات المصرية.

ولكن وسط سيل من التقارير التي تتحدث عن ضربات جوية وقعت عبر شهور عدة - نفذتها طائرات دون طيار وطائرات مقاتلة - فكرت مليا احيانا عن الجهات التي تقوم بتنفيذها,

الموضوع بأسره يتناغم مع توجه نحو تغير كبير في المنطقة - وهو تغير يصح ملامحمه الأساسية - ولكن مداه ونتائجه ما زال يكتنفها الغموض.

تحالف ضد إيران؟

مما لا شك فيه أن توسع النفوذ الايراني في المنطقة من الخليج الى البحر المتوسط يثير قلق وخوف دول كالسعودية ومصر والأردن.

هذه الظروف دفعت بعض الدول العربية السنية الى التقرب من اسرائيل. فهذه الدول تشارك اسرائيل في قلقها من الدور الاقليمي المتصاعد لايران وطموحاتها النووية، اضافة الى ما ينظر اليه انه تقاعس واشنطن في مجابهة طهران.

وهناك من الاشارات والتصريحات الدبلوماسية ما يوحي بأن هذا التقارب (بين مصر واسرائيل) لا يخلو من أسس حقيقية.

كما لوحظت في الآونة الأخيرة ثمة مؤشرات مبطنة وغير مبطنة فيما يخص هذا التقارب.

مصدر الصورةREUTERS

Image captionمحمد العيسى

كتب الدكتور محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، مؤخرا رسالة "مفتوحة" مثيرة وجهها الى مدير متحف المحرقة اليهودية في واشنطن عبر فيها عن تعاطفه لضحايا المحرقة التي نفذها النازيون في الحرب العالمية الثانية وادانته لاولئك الذين يقولون إن المحرقة لم تحصل اساسا.

كانت تلك الرسالة، التي جاءت ذلك على لسان رجل دين بارز من منطقة كانت في مقدمة المناطق التي تنفي وقوع المحرقة منذ عقود، رسالة مهمة جدا.

هل تتمكن اسرائيل من جني كل الثمار؟

من الجانب العربي، على المرء أن يستجمع التطورات من أجل التوصل الى فهم للتغييرات الجارية تحت السطح.

بالمقارنة، فالاسرائيليون - وقد يقول البعض بأنهم تسرعوا في ذلك - كانوا أكثر صراحة. فالمسؤولون الاسرائيليون تواقون في لقاءاتهم الخاصة والعامة الى الترويج لعلاقات بلادهم المتحسنة مع "الدول السنية المعتدلة."

هذا الذي قاله رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو بهذا الخصوص أمام معهد تشاتهام هاوس في لندن في تشرين الثاني / نوفمبر الماضي:

قال نتنياهو متطرقا للتطورات في منطقة الشرق الأوسط إن "الأخبار السيئة هي أنه في المعركة بين قوى التخلف وقوى الحداثة، يتقدم المتخلفون وخصوصا في ايران."

ولكن الأخبار الجيدة، حسب نتنياهو، تتلخص في أن "ألآخرين (السنة المعتدلين) يتعاونون مع اسرئيل كما لم يفعلوا من قبل. هذا شيء لم أتوقع رؤيته في حياتي، ولكننا نعمل بلا كلل لتأسيس تحالف فعال بين اسرائيل والدول العربية السنية المعتدلة لمجابهة تغول ايران ورده بالحد الممكن."