لا بأس في عدم القبول بوضع شروط مسبقة للمفاوضات وتفضيل اتفاق إقليمي والعمل ضد القرارات المعادية لإسرائيل وتسليط الضوء على أبو مازن المخادع بشكل صحيح. ولكن في الوقت نفسه، من الأفضل الاعتراف بأن الفلسطينيين سيستمرون في كونهم مشكلتنا. ولذلك علينا أن نعرف كيف نقدم لهم أفقاً ما، وليس فقط أن نأخذ ما نستحقه نحن. إن القيادة الفلسطينية تستغل بشكل يثير السخرية ضائقة الشعب الفلسطيني لمصلحتها، ولكن كلما كان وضع الشعب الفلسطيني أفضل فإن ذلك سيكون أفضل لنا أيضاً.
أنا آسفة لأنني لا أنساق مع التوجه الإسرائيلي السائد لاحتضان ترامب، إلا أنه من السهل مواجهة الإغواء الوطني في الخروج والرقص في الشوارع عندما يكون الشيء الوحيد الواضح بالنسبة لترامب هو عدم الوضوح. فما الذي يمكن أن نتوقعه منه؟ إن لهذا السؤال مجموعة واسعة ومتنوعة من الإجابات المتناقضة، حيث أن الإجابة الحقيقية، على ما يبدو، هي أنه يمكن أن نتوقع منه ما هو غير متوقع.
يبدو أن هناك سوراً ما قد سقط مع مغادرة أوباما، ولذلك فإن الشيء الغريزي هو أن نعدوا إلى الأمام بفرح وسرور وبعد ذلك نرى ما الذي يمكن أن يحدث. ولكن عندما تكون بكل جوارحك تركز على محاولة تجاوز السور الذي بُني أمامك فإنك تتوقف عن التفكير في ديناميكية أسهل، وفي التشعُبات المحتملة للتداعيات. والزعامة الحكيمة والمجربة تدرك أن إزالة سور معين لا تحل كل المشاكل في الحياة. فقبل كل شيء يتطلب الأمر إعادة تقييم جديدة.
إن الأقوال الحماسية حول نقل السفارة إلى القدس، على سبيل المثال، هي أقوال نيئة في أحسن الأحوال. وحتى وإن كان المكان المحدد للسفارة موجود في منطقة تحت سيادتنا الأزلية، فإن السؤال هو إذا ما كانت هناك حاجة للتعجل في فعل هذا الأمر فوراً، وليس كجزء من خطة شاملة وواضحة. والاحتمالات هي ليست فقط "الآن، أو لا إلى الأبد". فمع كل الاحترام لترامب، فهو ليس رئيساً جمهورياً عادياً، الذي يطلق العنان أكثر لإسرائيل. فهناك الكثيرون الذين يرون أنه لن يستطيع إكمال ولايته. صحيح أن مجلس النواب والشيوخ جمهوريان، إلا أن الحزب الجمهوري منقسم جداً حوله. كما تتردد في الخلفية أصوات علاقات إسرائيل مع يهود الولايات المتحدة الأمريكية والتي تقوضت خلال العقد الأخير، وربما يكون ذلك بسبب أن يهود الولايات المتحدة الأمريكية هم ديمقراطيون. ونحن بحاجة إلى دعم هؤلاء الأشخاص على المدى البعيد، وهذا الأمر غير مرتبط بترامب. وبالإضافة إلى ذلك فإن هناك مشكلة أخرى صغيرة كنا قد نسيناها، وهي ستواصل مرافقتنا حتى وإن ثبُت بشكل نهائي بأن العالم كله ضدنا وأن ترامب مفرط بحبه لليهود.
نعم، لا بأس في عدم القبول بوضع شروط مسبقة للمفاوضات وتفضيل اتفاق إقليمي والعمل ضد القرارات المعادية لإسرائيل وتسليط الضوء على أبو مازن المخادع بشكل صحيح. ولكن، في الوقت نفسه، من الأفضل الاعتراف بأن الفلسطينيين سيستمرون في كونهم مشكلتنا. ولذلك علينا أن نعرف كيف نقدم لهم أفقاً ما، وليس فقط أن نأخذ ما نستحقه نحن. إن القيادة الفلسطينية تستغل بشكل يثير السخرية ضائقة الشعب الفلسطيني لمصلحتها، ولكن كلما كان وضع الشعب الفلسطيني أفضل فإن ذلك سيكون أفضل لنا أيضاً.
إلا أنه كلما كان الأمر سيئاً بالنسبة لهم، فإنه سيكون سيئاً بالنسبة لنا. لقد كنا ذات مرة نعرف هذه المعادلة ولكن يبدو أنه مع مرور الوقت فإن التركيز على الحاجة لتجاوز السور الموجود أمامنا قد دفعنا إلى نسيان ما كان يبدو لنا ذات مرة طبيعياً ومسلماً به. وعليه، ومع كل الاحترام لبينت وشاكيد وحوطوفيلي وساعر وبركات، ولبقية ممثلي اليمين الذي كابدوا من الجوع في فترة أوباما وهم يريدون اليوم افتراس كل شيء بأقصى سرعة، وبأكبر قدر ممكن – مع كل الاحترام لكل هؤلاء، فإنه يجب عليهم أن يتحلوا بالمسؤولية. فمن المهم العمل لبناء الصداقة مع الإدارة الجديدة، وإظهار الاحترام لها، وإرساء طريق لاستمرار معاً. ولكن يمكن لترامب أن يختفي بنفس السرعة التي ظهر فيها. ومن شأن احتضانه، بشكل مبالغ به، أن يكون سيئاً بالنسبة لنا، وحتى أن يؤدي إلى تحطيم الدعم العابر للأحزاب القائم منذ سنوات طويلة، ذلك أن الحزبين قد عارضا في الماضي نقل السفارة إلى القدس، وهناك فرصة جيدة أن يحصل هذا الأمر (تحطيم الدعم العابر للأحزاب) في المستقبل ما لم نعالج الأمر بالشكل الصحيح. وما الذي يمكن أن يحدث، لا سمح الله، إذا ما بدأ هنا أثر الدومينو نتيجة لنقل السفارة؟ وهل يمكن أن نكون واثقين تماماً من أنه سيكون هناك في البيت الأبيض من سيقدم لنا الغطاء إذا ما دخلنا في مشكلة؟ أعطوا 100 يوم من الراحة ليس لترامب بل لنا. فإنه لا توجد وراء السور الذي انهار شمس مشرقة ولا أقزام الغابة المبهجون الذين يرددون هاتكفا (النشيد الإسرائيلي / المترجم) بانفعال. بل هناك ضباب، وأجواء متقلبة وطرق لزجة. وعليه، وحتى لو اتضح أننا أكثر الناس صلاحاً في التاريخ البشري فإنه من الأفضل لنا المضي قُدماً بحذر.
ترجمة: مرعي حطيني
المصدر معاريف