لقد جاءت الإدانة التركية بالتوازي مع زيارة وزير السياحة التركي لإسرائيل، وهو لم يتلقَ الأمر بالعودة إلى تركيا. كما أن سفيرنا لم يُستدعَ لتقديم ايضاحات (حول الموضوع)، وحتى أن الإدانة لم ترد ضمن الأخبار الرئيسية في المواقع التركية. ونحن نرى الظاهرة نفسها في الدول العربية: فصحيح أن وزير الخارجية المصري قد أدان "قانون التسوية" إلا أن الصفحة الرئيسية للموقع الإخباري الرسمي لصحيفة "الأهرام" لم تشتمل على أي ذكر للموضوع. وهذا ما كان عليه الحال في الصفحة الرئيسية للموقع الإخباري الشعبي "اليوم السابع"، إذ أنه لم يأت على ذكر "قانون التسوية" ولا على النقد المصري له. ومن جانبه ركز موقع "الشرق الأوسط" الإخباري، الذي توجد مكاتبه في بريطانيا والمموَّل من قبل السعوديين، ركز على رد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه الذي جاء فيه أن الفلسطينيين يفقدون أراضيهم، إلا أنهم لن يرفعوا أية دعاوى أمام المحاكم الدولية وذلك مخافة الرد من جانب الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. كما أن الصفحة الرئيسية لموقع "الجزيرة" لم تتضمن أي ذكر لـ "قانون التسوية".
ويبدو أن موضوع "قانون التسوية" لا يقف على رأس جدول اهتمامات الدول الإسلامية. ولكن حتى لا نخطئ، فإن هذا الأمر ليس نابعاً من حبها لإسرائيل. بل لأن العالم السني، الداخل في حرب دامية مع العالم الشيعي الذي تتم قيادته من قبل إيران، وسوريا وحزب الله، مدرك تماماً لأهمية التحالف غير المعلن مع إسرائيل. فمصر تتلقى العون من إسرائيل في المجال الاستخباري، وحسب بعض المصادر في المجال العسكري أيضاً، ضد فرع الدولة الإسلامية في سيناء. كما أفادت مؤخراً وكالة "رويترز" للأنباء أن الأردن يحصل على دعم إسرائيلي في مواجهة داعش والتنظيمات الإسلامية الأخرى على حدوده. والمملكة العربية السعودية تخاف جداً من جارتها الفارسية، وقد نُشرت مؤخراً أنباء عن علاقات اقتصادية، وغير ذلك، بين المملكة وبين إسرائيل، التي من شأنها (إسرائيل) أن تشكل درعاً هاماً في مواجهة تهديد "الآيات الله". ولذلك فإنه لا غرابة في أنه لم تأتِ إلى الآن أية أنباء عن خروج أي مظاهرات ضد "قانون التسوية" في الدول الإسلامية.
يبدو أن التعاون المثمر، سواء كان في الخفاء أو في العلن، بين دولة إسرائيل وبين الدول الإسلامية، هو الدواء الأفضل لأكثر من ألف عام من التربية الإسلامية القائمة على كراهية اليهود ووصفهم بالقردة والخنازير، والمخلوقات الأكثر شروراً في العالم بعد الشياطين. فالإسلام المتطرف نفسه هو الذي يهدد الدول الإسلامية، وفي مقدمتها مصر، والأردن ولبنان، ذلك أنه يرى في الحدود بين الدول الإسلامية كفراً بالإسلام. وهو يعربد في سوريا، وفي العراق وليبيا، ويجلب معه مئات آلاف القتلى وملايين المهجرين من بيوتهم، وتدمير الاقتصاد، والجوع والفقر والتعذيب وتشريد الملايين من الفارين من الجحيم الإسلامي.
لقد سارعت الدول الأوروبية إلى إدانة القانون، إلا أنها في الوقت نفسه تقف صامتة حيال ما يحدث في سوريا، وحيال التمييز العنصري (الأبرتهايد) الوحيد في المنطقة – وهو التمييز الذي يمارسه الفلسطينيون، الذين لا يسمحون لأي يهودي بالسكن في المناطق الخاضعة لسيطرتهم. ولذلك لا غرابة في أن تجد الدول الأوروبية نفسها اليوم مضطرة لتواجه بنفسها نتائج تراخيها في مواجهة الحركات الإسلامية على هيئة ملايين اللاجئيين المسلمين على أراضيها.
ترجمة: مرعي حطيني
المصدر: "إسرائيل اليوم"