بقلم: تسفي برئيل
البوابة 28/02/2017 شهاب الحسيني أخطر من حرس الثورة الايراني”، هكذا جاء في الصحيفة السعودية “مكة” في آب 2016. “ايران احتلت العالم بواسطة صناعة السينما الخاصة بها”، حذرت الصحيفة.
الحسيني هو بطل فيلم “الجاسوس″ الذي قام باخراجه أشغار فرهدي. وهذا الفيلم مرشح لجائزة الاوسكار كأفضل فيلم، لكن المخرج أعلن عن عدم ذهابه الى الاحتفال بسبب المرسوم الذي اصدره دونالد ترامب، الذي يمنع دخول مواطني سبع دول اسلامية ومن ضمنها ايران، الى الولايات المتحدة.
لقد تم كتابة الكثير عن هذا المرسوم، بما في ذلك السؤال المهم، لماذا السعودية التي خرج منها منفذو عمليات الحادي عشر من ايلول غير مشمولة في الدول الممنوعة. هذا لا يواسي السعودية، لأن نجاح السينما الايرانية لا يجعلها تهدأ. الصراع بين القوتين الاقليميتين لا تغيب عنه القنوات الدبلوماسية والجماهيرية، حيث تلعب السينما دورا هاما. أمام نجاح فرهدي تقدم السعودية فيلما خاصا بها، رغم أنه ليس فيلما روائيا، حيث أنه في السعودية لا توجد صناعة سينما تقريبا، بل هو فيلم وثائقي أنتجته شركة “مارغن سكوب” التابعة لرجل الاعمال السعودي الامريكي سلمان الانصاري.
فيلم “تهديد مقنع″ يصف ايران كدولة ارهابية تسعى الى ضعضعة الاستقرار في المنطقة. ويظهر في الفيلم مسؤولين امريكيين منهم د. مايكل لادين، وهو صديق مقرب لمايكل فلين، الذي كان مستشارا للامن القومي في ادارة ترامب مدة ربع ساعة. لادين خصص معظم عمله الاكاديمي والسياسي للتهديد الايراني. في العام 1980 كان متورطا في قضية “ايران غيت” التي كانت تسعى الى احداث انقلاب داخلي في ايران وانتهت ببيع السلاح الايراني في صفقة دائرية، من ضمنها اسرائيل، للمتمردين في نيكاراغوا.
مملكة ترامب التي خرجت في حملة متجددة ضد الاتفاق النووي مع ايران، باعت الذهب بالنسبة للاجئي ادارة جورج بوش الأب والابن الذين يعيدون الى الحياة السياسة المناهضة لايران والمؤيدة للسعودية، بعد أن تمت ازاحتهم جانبا في ولاية براك اوباما. كل وسيلة ضد ايران، بما في ذلك صناعة السينما، مسموحة حسب رأيهم، حتى لو كانت سياسة ترامب تعزز مكانة ايران.
بالتحديد عندما تظهر الدولتان بعيدتان جدا عن المصالحة، تظهر ملامح التقارب بينهما. في نهاية الاسبوع الماضي تحدث ممثلون ايرانيون رفيعو المستوى مع ممثلين سعودية في جدة عن ترتيبات الحج في مكة، بعد أن تسبب الاكتظاظ في العام 2015 في موت آلاف الحجاج، ومنهم 400 حاج ايراني. وقد منعت ايران الحج في السنة التالية. وفي الوقت الحالي يبدو أن الدولتين مستعدتان للتوصل الى اتفاق. بعد وفاة هاشمي رفسنجاني، قبل شهر، الذي كان رئيس سابق لايران والذي كان في ايامه الاخيرة الشخص الاهم لتحديد مصالح الامة. وقد امتنعت السعودية عن تقديم العزاء العلني، لكن الملك سلمان قام بارسال عزاء شخصي لعائلة رفسنجاني. كان رفسنجاني الروح الحية من وراء جهود المصالحة بين ايران والسعودية حتى السنوات الاخيرة.
الرئيس الايراني حسن روحاني كشف مؤخرا أن هناك عشر دول منها الكويت وسلطنة عمان اقترحت الوساطة وهي تبحث عن طرق لتحسين العلاقة بين طهران والرياض. عمليا، جميع دول الخليج، باستثناء السعودية، لها علاقات قوية مع ايران، ويعتقد زعماءها أنه على خلفية الحرب الفاشلة في اليمن، والفشل في حل الازمة السورية، من الافضل جسر الهوة بين السعودية وايران. “الخيار الايراني” موضوع على طاولة دول الخليج بسبب غياب سياسة امريكية واضحة تجاه ايران. أي: تردد ترامب في فرض عقوبات جديدة على ايران، واقوال وكالة الطاقة الدولية النووية بأن ايران تحترم جميع بنود الاتفاق.
ما زال من السابق لاوانه القول إن هذه النقاشات حول ايران والسعودية ستثمر، خصوصا أنه ليس هناك يقين حول فرص فوز روحاني في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في نهاية ايار. لكن هذه النقاشات التي تشمل ايضا زيارات رسمية لروحاني في الكويت وعُمان، وزيارة متوقعة في تركيا في شهر نيسان، يجب أن توضح لاسرائيل أن المعادلة التي تقوم في تسويقها والتي تقول إن السلاح مع دول الخليج سيؤدي الى كبح ايران – لا تعتمد بالضرورة على أسس واقعية. حيث أن دول الخليج التي تؤيد حل الدولتين لا تتبنى المعادلة الاسرائيلية. ففلسطين بالنسبة لهم هي مسألة واحدة والعلاقة مع ايران هي مسألة اخرى.
مشكوك فيه أن السعودية ودول الخليج بحاجة الى فيلم سعودي – امريكي للاقتناع بـ “التهديد المقنع″ الذي تشكله ايران. الكثير من المواد تنشر يوميا على صفحات الصحيفة السعودية “الشرق الاوسط” في نشرة خاصة بعنوان “جرائم ايران في انحاء العالم” ولكن عندما تعتبر صحيفة سعودية أن السينما الايرانية تشكل تهديدا كبيرا الى هذه الدرجة، فيحتمل أن يكون التهديد الذي تشكله ايران ليس فظيعا بهذا القدر.
المصدر
رأي اليو