إن بادرة حسن نية مثل تسمية شارع على اسم القرية التي تم تدميرها، الشيخ مؤنس، كانت ستكون مثابة شهادة تقدير للحي والدولة. ولو كان فقط لإسرائيل المزيد من الثقة بعدالة طريقها، لما كانت الفكرة مخطوءة إلى هذه الدرجة.
أنا أسكن في شارع يحمل اسم سياسي بريطاني يهودي، نائب ملك الهند، روفوس دانيال ايزيكس، الماركيز الاول من رادينغ، وأشك أن هناك ساكن واحد في الشارع يعرف من هو هذا الشخص ولماذا يستحق اطلاق اسم شارع على اسمه.
اغلبية الشوارع لدينا مسماة بأسماء صهاينة وحاخامات، وهذا أمر جدير. والأقل جدارة هو تسمية الشوارع التي يسكن فيها العرب بهذه الاسماء. دوف ممزريتش، جادة هبعتاش، زلمان مايزل، قبائل إسرائيل، عمل إسرائيل ـ هذه هي اسماء شوارع يافا العربية. في بعض المدن المختلطة يكون التحرش أكثر وقاحة: الشارع الرئيسي في الرملة يحمل بالطبع اسم بنيامين زئيف هرتسل، البلماح والايتسل وبيتار واسحق سديه. وكل هذه الاسماء حصلت على شوارع، حيث أن بعض السكان على الاقل هم من العرب. وفي اللد الوضع مشابه: جادة الجيش الإسرائيلي إلى جانب المسجد العمري، الياهو غومولوف، اكسودوس والهجرة ب بجانب السوق وخان الحلو.
تقريبا لا توجد أسماء عربية ولا يوجد احساس. وجسر الدخول إلى الناصرة سمي على اسم الجنرال رفائيل ايتان، وهو أحد كارهي العرب، والذي شبههم بالصراصير. منذ اقامة الجسر يدوي إرثه أمام كل سائق من الناصرة يعبر هذا الجسر. هذا ما يتم فعله تجاه الاقلية في إسرائيل.
ولكن هذا غير كافٍ. فقد قررت بلدة جت قبل بضعة اشهر تسمية شارع على اسم الأب القومي. وجود شارع باسم ياسر عرفات في دولة إسرائيل عُرف في وقت متأخر، لكن ليس متأخرا لاحداث فضيحة ودهس الأقلية. رئيس الحكومة قال إنه لا يوافق على وجود «شوارع بأسماء أعداء إسرائيل». ووزير الداخلية تحرك للعمل، ورئيس المجلس المحلي في جت خضع وتم محو اسم الشارع. عرفات غير موجود، وقد يسمى الشارع الآن على اسم اليئور ازاريا. وهذا سيكون مسليا: المحو، الدهس، الخنق لكل المشاعر القومية. اليهود فقط يحق لهم التذكر.
أعود إلى الحي الذي أعيش فيه. الجهة الشمالية، رمات افيف ج، هو حي إرهابي، أو على الأدق حي إرهابيين. جميع الشوارع تقريبا تسمى على أسماء مخربين يهود قاموا بتفجير الحافلات وهاجموا القطارات وقتلوا الاشخاص. الياهو حكيم والياهو سوري قتلة اللورد موين، مئير فاينشتاين الذي هاجم محطة القطار، شلومو بن يوسف الذي هاجم حافلة، موشيه برزاني الذي فجر قطار في المالحة، يحيئيل درازنر الذي هاجم قطار في اللد. أيديهم ملطخة بدماء الابرياء. ودماء أكثر على أيدي رحبعام زئيفي الذي يوجد شارع على اسمه قرب الميناء.
مع الشعب وأبطاله، أيديهم ملطخة بالدماء. بعض ابطال الشوارع في إسرائيل أيديهم ملطخة بالدماء اكثر من ياسر عرفات. كان يجب سماع صراخ اليمين في الكنيست على اقوال احمد الطيبي الذي قال إن عرفات هو «أبو الأمة الفلسطينية». بالنسبة لهؤلاء لا توجد أمة ولا أب. سيتم تذكر عرفات إلى الأبد في اوساط شعبه، مع أو بدون شارع في جت. وإسرائيل ستشتاق اليه. وبنيامين نتنياهو وآريه درعي لن يتمكنا من شطب ذكراه في جت بأي شكل من الاشكال.
هآرتس 9/3/2017
المقال من :