صحف ــ التعامل الإسرائيلي العلني مع قضية الهجمات تغير من بعد الغارة / هآرتس

أربعاء, 03/22/2017 - 23:08
عاموس هرئيل

البوابة ــ 22 آذار 2017 الحادث الذي وقع يوم الجمعة الماضي، والذي اعترضت فيه بطارية صواريخ ꞌحيتسꞌ الإسرائيلية صاروخاً مضاداً للطائرات دخل من سوريا إلى المجال الإسرائيلي، هذا الحادث غيّر التعامل الإسرائيلي العلني مع قضية الهجمات (التي تشنها) في سوريا. فإذا كانت، إلى الآن، قد اكتفت بإعلان عام يقول بأنها ستقوم بقصف القوافل التي تنقل أسلحة نوعية من سوريا إلى حزب الله وامتنعت عن التعليق على التقارير الدائمة عن الهجمات في وسائل الإعلام العربية، فإن الوضع مختلف الآن. فدخول الصاروخ، الذي استهدف طائرات سلاح الجو التي هاجمت أهدافاً في سوريا، اقتضى استخدام بطارية صواريخ ꞌحيتسꞌ، وبما يتفق مع ذلك أيضاً، إعلاناً رسمياً إسرائيلياً جاء فيه للمرة الأولى تأكيد إسرائيلي للهجوم. وقد تطرق إلى ذلك (الثلاثاء) كل من رئيس الحكومة (بنيامين) نتنياهو ورئيس هيئة الأركان (غادي) ايزنكوت. فقد قال نتنياهو في لقاء مع المراسلين المتواجدين في عداد الوفد المرافق له في الصين إنه قد أوضح للرئيس فلاديمير بوتين أن إسرائيل ستواصل مهاجمة قوافل الأسلحة، وادعى أن روسيا لم تغيّر سياستها في ما يتعلق بالهجمات الإسرائيلية. وقد وردت هذه الأقوال رداً على ادعاءات مندوب سوريا في الأمم المتحدة بأن روسيا أبلغت إسرائيل بأن زمن الهجمات قد ولى. كذلك قال (غادي) ايزنكوت، في محاضرة في أكاديمية نتانيا (التابعة لجامعة بار – إيلان / المترجم)، إن إسرائيل قد نجحت في خلق منظومة لمنع الاحتكاك مع الروس وذلك "على الرغم من التوتر الذي حصل نهاية الأسبوع المنصرم"، وإنها ستواصل "منع تعزيز قوة من لا يجب أن يحصل على سلاح متقدم" – أي إحباط نقل أسلحة من هذا القبيل إلى حزب الله. إن رئيس الحكومة ورئيس هيئة الأركان، على حد سواء، يتطرقان بذلك إلى الأهداف السياسية الإسرائيلية على النحو الذي تمت صياغتها وفقه قبل أكثر من خمس سنوات بقليل، أي بعد فترة قصيرة من اندلاع الحرب الأهلية (في سوريا) وهي: من جهة أولى الامتناع عن التورط الإسرائيلي في الحرب نفسها، ومن جهة ثانية القيام بنشاط محسوب لتعطيل (عمليات) نقل الأسلحة. وقد نجحت إسرائيل في تنفيذ الهدف الأول بشكل كامل. أما في ما يتعلق بالهدف الثاني، فإن التقارير الكثيرة حول الهجمات تدل على أن قسماً من السلاح المهرب قد تم استهدافه فعلاً. وفي مقابل ذلك اعترف نتنياهو في خطابه أمام الأمم المتحدة في شهر تشرين الأول / أكتوبر 2015 بأن قسماً من منظومات الأسلحة المتطورة قد وصل إلى وُجهته. وفي هذه الأثناء حدثت انعطافة جدية في سوريا. فاكتمال (عملية) احتلال حلب والانجازات البرية المحدودة التي راكمها نظام الأسد في ميادين (قتال) أخرى في الدولة خلال الشهور الأخيرة، أدت إلى استقرار وضع النظام وأبعدت إمكانية انهياره في وقت قريب (باستثناء في حال اغتيال الأسد نفسه). ويبدو أن هذه النجاحات، بفضل الدعم الجوي الروسي ومساعدة الميليشيات الشيعية التي أرسلتها إيران، هي التي حفزت النظام لتغيير سياسته ومحاولة ضرب الطائرات الإسرائيلية، خلال الشهور الأخيرة، أثناء قيامها بنشاطاتها في سماء سوريا (والحادث الذي وقع يوم الجمعة الماضي لم يكن الأول من نوعه). والسؤال الذي ينبغي على القيادة الإسرائيلية أن تسأله لنفسها، خلال الفترة القريبة، سيكون على ما يبدو إذا ما كان التغيير في الظروف يستوجب تغييراً في السياسة، أي: متى يمكن لسلسلة من الهجمات الوقائية الناجحة، من ناحية تكتيكية، أن تتحول إلى خطر إستراتيجي، لأنها قد تحفز سوريا على رد أكثر حدة، أو أن تقنع موسكو، بدلاً من ذلك، بنقل رسالة أكثر حزماً لإسرائيل (وهو أمر لم يحصل، إلى الآن، حسب أقوال نتنياهو). إلا أن إسرائيل، إذا ما كان يجب الحكم وفق التصريحات الرسمية والهجوم الآخر الذي نُسب إليها يوم الأحد – والذي تم فيه اغتيال أعضاء في ميليشيا محلية محسوبة على النظام في هضبة الجولان السورية – يبدو أنها لا تُظهر مؤشرات على أنها تنوي الانسحاب من المواجهة. ومن المحتمل أن يكون هذا الإصرار مرتبطاً بأهداف أخرى وضعتها لنفسها على الساحة السورية خلال الشهور الأخيرة. إن الهدف الرئيسي المعلن، الذي يُكثر نتنياهو ووزير الأمن ليبرمان تأكيده مؤخراً، هو منع عودة قوات حزب الله وعناصر الحرس الثوري الإيراني إلى هضبة الجولان. وقد أبعدت نجاحات منظمات المعارضة، خلال السنوات الأخيرة، نظام الأسد عن المنطقة القريبة من الحدود مع إسرائيل، كما سُجل خلال العامين الأخيرين تواجد قليل للإيرانيين ولحزب الله. والآن عندما تهب رياح الحرب في صالح النظام، في أعقاب النجاحات في حلب، فإنه يعزز قواته بشكل كبير في شمال الجولان، وهو قد أجبر بالفعل عدداً من القرى، التي سبق وأن تعاونت مع المتمردين، على التوقيع على اتفاقات لوقف إطلاق النار والاستسلام، وذلك بعد أن مارس عليها ضغوطاً شديدة. وتشك إسرائيل في أن عدداً من عناصر حزب الله قد عادوا بالفعل لممارسة النشاط بالقرب من السياج الحدودي وذلك في رعاية الخطوة التي قام بها النظام. وهي (إسرائيل) تحاول الآن منع ترسيخ تواجدهم، وتواجد الخبراء الإيرانيين، في المنطقة من جديد. وخلال زيارته للرئيس ترامب في واشنطن، في الشهر الماضي، وضع نتنياهو هدفاً آخر. فهو قد قال إنه طلب من الرئيس الأمريكي بأن تعترف بلاده بضم هضبة الجولان إلى إسرائيل. ولم يعترف المجتمع الدولي إلى اليوم بقانون الضم الصادر عام 1981، إلا أنه من المحتمل أن يكون نتنياهو قد التقط الفرصة بسبب طول الحرب في سوريا، بالإضافة إلى الانتقادات العالمية الموجهة لنظام الأسد والتعاطف الذي أبداه ترامب مع إسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة التي تلت دخوله للبيت الأبيض. وتبدو درجة احتمال حدوث أمر كهذا الآن ضعيفة. وليس من الواضح إلى أية درجة سيصر نتنياهو على التمسك بجهوده لإقناع الأمريكيين بذلك، إلا أنه من المرجح أن تكون أقوال رئيس الحكومة قد جرى التقاطها وتسجيلها في كل من دمشق وموسكو. وعلى هامش أقواله التي أدلى بها (غادي) ايزنكوت (الثلاثاء) قال إن مصطفى بدر الدين، الذي وُصف على أنه رئيس هيئة الأركان في حزب الله وقُتل في ظروف غامضة في سوريا في شهر أيار / مايو من العام الماضي، قد قُتل على يد المسؤولين عنه في الحزب. وكان قد سبق وأن نُشرت تقارير مماثلة في وسائل الإعلام العربية خلال الشهور الأخيرة إلا أنه قد تم التشكيك فيها، إلا أن رئيس رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي يقول الأمر عينه بشكل علني. ومع الأخذ بعين الاعتبار عمق المتابعة الاستخبارية الإسرائيلية لما يجري في حزب الله، فإنه من المرجح أن يكون (غادي) ايزنكوت لا يتكلم من بنات أفكاره. وهذا تطور هام لسببين: فهو يكشف أولاً شدة الصراعات الداخلية في المحور الذي تقوده إيران، ويدل أيضاً على أن إسرائيل ستكون مسرورة بإظهار هذه الصراعات على السطح في إطار الحرب النفسية المتشعبة التي تديرها ضد خصومها في المنطقة.

 

ترجمة: مرعي حطيني

المصدر البوابة + وكالات