قام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بجولة إفريقية في الفترة من 26 فبراير إلى 2 مارس شملت الجزائر وموريتانيا والسنغال ومالي وركّزت على إغلاق مدارس غولن والدبلوماسية الاقتصادية.
وزار أكثر من 30 بلدا أفريقيا، أولا رئيسا للوزراء (2003-2014) ثم رئيسا للجمهورية. وفي هذه المرة اختار رجب طيب أردوغان أربعة بلدان في أول جولة يقوم بها في عام 2018. أرغان على دراية جيدة بالجزائر، الشريك التجاري الرئيس لتركيا في أفريقيا، ويحافظ على علاقة ودية مع عبد العزيز بوتفليقة، الذي استقبله في أنقرة عام 2005 وقام بزيارات إلى الجزائر ثلاث مرات بعد ذلك. وفي عام 2013، زار السنغال كما توجت العلاقات بين البلاد باستكمال شركات تركية لبناء المطار الدولي الجديد الذي افتتح في ديسمبر وبناء مركز المؤتمرات الدولي ومنشآت أخرى.
ومن ناحية أخرى، فإن زيارته لباماكو ونواكشوط هي الأولى لرئيس دولة تركي وقد أشار أحد مستشاري أردغان إلى أن مالي “دولة ذات أغلبية مسلمة” وأن العلاقات مع موريتانيا “تعود إلى الإمبراطورية العثمانية”. فالوجود العثماني القديم هو ما يبررون به اهتمامهم بأفريقيا. وهكذا، في عام 2005، اختار أردوغان إثيوبيا لأول زيارة له للقارة وذلك لأنه في وقت مبكر من عام 1910، أرسل العثمانيون قنصلا عاما إلى ذلك البلد. كما منحته السودان جزيرة سواكن ذات التاريخ العثماني. وتمول تركيا كذلك ترميم المباني التي يعود تاريخها إلى الدولة العثمانية.
صحيح أنه في عام 1998 اعتمد وزير الخارجية السابق الليبرالي إسماعيل جيم “ميثاق عمل أفريقيا”. بيد أنه لم يتمكن من تنفيذه بسبب الأزمة الاقتصادية الخطيرة التي كانت تركيا تتخبط فيها. ومنذ وصول حزب العدالة والتنمية (الإسلامي) إلى السلطة وما صاحبه من صعود البرجوازية الأناضولية المتدينة والدينامية في الأعمال التجارية أصبحت أفريقيا وجهة لرجال الأعمال الأتراك.
وكانت نقطة البداية عام 2005، بإعلانها “سنة أفريقيا”، حيث قام خلالها أردوغان بجولته الأولى (إثيوبيا وجنوب أفريقيا والمغرب وتونس). وبعد وقت قصير، أصبحت تركيا “شريكا استراتيجيا” للاتحاد الأفريقي وحصلت على مركز عضو غير إقليمي في بنك التنمية الأفريقي. وقد تم تنظيم قمتي تركيا وأفريقيا، واحدة في اسطنبول في عام 2008، والأخرى في مالابو في عام 2014. ثم تضاعفت منتديات الأعمال. ونتيجة لذلك، نمت التجارة مع أفريقيا من 3 مليار دولار في أوائل العقد الأول من القرن الحالي إلى نحو 20 مليار دولار اليوم.
وتستند الاستراتيجية التركية إلى ثلاث محاور: نشر السفارات في القارة (41 سفارة بدل 9 سفارات في عام 2003)؛ افتتاح خطوط الخطوط الجوية التركية، التي تخدم نحو خمسين مدينة أفريقية؛ والوكالة التركية للتنمية التي تمول العديد من المشاريع في مجالات البناء والصحة والزراعة.
أما بالنسبة للخطاب التركي، فإن الرئيس أردوغان يسارع إلى انتقاد الماضي الاستعماري لفرنسا، ولا مبالاة العالم بالمجاعة التي تضرب القارة وتغليب المصالح التجارية لمنافسيه بدل علاقات قائمة على الأخوة والمساوة.
في هذا الفتح المنهجي للأسواق والقلوب، لعب أعضاء جماعة فتح الله غولن، حتى عام 2015، دورا رائدا، من خلال إنشاء 100 مدرسة في القارة والأعمال الخيرية والاستثمارات. ولكن منذ محاولة الانقلاب في 16 يوليو 2016، التي يتهم بها غولن أصبح حليف الأمس العدو الأول. حيث تقوم تركيا حاليا بموجهة هذه الجماعة وتجفيف منابع تمويلها وجعل مدارسها في إفريقيا تحت وصاية الدولة التركية.
وفي أفريقيا، وافقت خمسة بلدان على الفور على القبول بمطالب أنقرة وهي غينيا والنيجر والصومال والسودان والكونغو الديمقراطية. وفقا لتقرير صادر عن وزارة التربية والتعليم التركية فيما وقّعت أربع عشر دولة أخرى (بوركينافاسو وبوروندي والكاميرون وجيبوتي وإثيوبيا والغابون وغامبيا ومدغشقر ومالي وموريتانيا وساو تومي وبرينسيبي والسنغال وسيراليون وتشاد) على مذكرات تفاهم مع تركيا لإغلاق هذه المدارس وفتح مدارس جديدة تحت رعاية وقف المعارف التركي.
موقع الصحراء