أسدل الستار اليلة بقصر المؤتمرات القديم بنواكشوط على المؤتمر الرابع العادي لحزب التجمع الوطني للإصلاح والتنمية ، وهو المؤتمر الذي جاء تتويجا للمأمورية الأولى للرئيس الثاني للحزب الدكتور محمد محمود ولد سييدي ، وسبق للجنة التحضيرية للمؤتمر أن أعلنت أن عدد المنتسبين للحزب بلف مائة وثلاثين ألف منتسب بزيادة 30% عن آخر انتساب للحزب حسب اللجنة المذكورة
ويتباهى التواصليون وهم يختتمون مؤتمرهم الرابع باحترام مؤسساتهم الحزبية للآجال القانونية حيث ينص النظام الأساسي حسب الرئيس المنتهيو ولايته ولد سييدي على أن المؤتمر ينعقد كل خمس سنوات وأنهم حريصون على احترام تلك الآجال لمختلف مؤسسات الحزب والمنظمات التابعة له ، كما هو حال مواقع نوابه في البرلمان من حيث تعاقبهم على نيابة رئيس البرلمان ورئاسة الكتلة البرلمانية للحزب
ولئن كانت الديمقراطية التواصلية شكلية في نظر البعض فإنها تظل من أحسن التجارب التناوبية الحزبية في البلاد إذ ترسي تناوبا ديمقراطيا على رئاسة الحزب وقيادة أبرز أحزاب المعارضة في البلاد
التعاقب القيادي
وقد شهد المؤتمر الرابع للحزب انتخاب رئيس جديد للحزب وهو الأستاذ والنائب البرلماني عن الحزب : امادي بن سيد المختار وهو من مواليد كيفه بولاية لعصابه وأحد طلاب المحاظر وشيوخها إذ يصفه العارفون به بالعالم ، وهو نائب لمأموريتين عن دائرة كيفه بولاية لعصابه وهو خريج المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية ويحضر للد كتوراة من إحدى الجامعات التونسية
التجديد المرن
أسفرت مخرجات مؤتمر الحزب الرابع عن انتخاب خارج دائرة التوقع حيث اختير أحد قادة الوسط الشبابي ممن لم يعرف عنه دخول في المناكفات السياسية البينية التي عاشها الحزب منذ المأمورية الثانية للرئيس الأسبق محمد جميل منصور ، فقد زكى المؤتمرون اثنين فقط من قادة الحزب (لم يبلغ مرحلة الترشيح وهي الحصول على 40 صوتا غيرهما) وهما الدكتور : محمد محمود ولد سيدي ، والأستاذ : امادي بن سيد المختار ، وفور الإعلان عن دخولهما منفردين حلبة المنافسة بدأ المراقبون العد التنازلي لمأمورية ولد سيدي وتعزز ذلك حينما أعلن الرئيس ولد سيدي عن عدم استعداده لمأمورية جديدة وتنازله لصالح منافسه وابن ولايته امادي بن سيد المختار بيد أن رئيسة المؤتمر أصرت على مواصلة التصويت متعللة بأن إعلان ولد سيدي جاء بعد البدء في الإدلاء بالأصوات وقد أسفر فرز أصوات المتمرين عن حصول اكادي على 566 صوتا بينما لم يتجاوز الرئيس السابق عتبة 86 صوتا فقط ! وهو ما يعنى أن إعلان ولد سييدي تنازله لصالح خصمه كان له أبلغ الأثر في توجيه بوصلة أصوات المؤتمرين للمرشح امادي
تقريب وجهات النظر
وبانتخاب الرئيس امادي يكون الحزب قد حصل على رئيسه الثالث الذي سيرث تركة من تباين وجهات النظر بين قادة الحزب وسيكون عليه أن يوحد صفوف التواصليين ويعبر بهم منطق الخلافات وتباين آراء القادة إلى أرضية مشتركة بين الجميع ، وبالقدر نفسه يتعين عليه الانفتاح على الطيف السياسي المحلي عامة والمعارض منه بصفة خاصة
ويأتي انتخابه أيضا قبيل الاستحقاقات الانتخابية وهو ما يحتم على الحزب الذي يتزعم المعارضة مضاعفة الجهود التعبوية واختيار المرشحين الأكفاء حتى يحافظ على موقعه
فهل بإمكان الرئيس الجديد قيادة سفينة الحزب في بحر الخلافات و الصراعات المتلاطم ؟.