افتتحت اليوم الثلاثاء في مدينة شنغهاي الصينية الدورة الرابعة للمنتدى الصيني العربي للوحدة والتنمية بمشاركة مسؤولين سابقين وخبراء وباحثين من العديد من الدول العربية، إضافة لعدد من المسؤولين الصينين.
ويناقش المنتدى - الذي نظمت دورته الأولى في إبريل 2018 في العاصمة بكين - الحوار بين الحضارتين العربية والصينية، وتبادل التجارب والخبرات في مجالات الإصلاح والتنمية والحكم، فيما تركز دورته الحالية على تنفيذ مخرجات القمة الصينية العربية الأولى، والعمل على بناء المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك في العصد الجديد.
وتشرف على تنظيم المنتدى وزارة الخارجية الصينية بتنظيم مباشر من مركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية، حيث تعول الصيني على دورات هذا المنتدى للمساهمة بإيجابية في رفع جودة تنفيذ أجندات مبادرة "الحزام والطريق"، إضافة لبناء المجتمع الصيني العربي ذي المستقبل المشترك.
التزام بدعم الابتكار
مبعوث الحكومة الصينية الخاص لقضية الشرق الأوسط تشاي جيون أكد خلال كلمته في افتتاح الدورة التزام الصين بالتنمية المدعومة بالابتكار، ومعارضتها للاحتكار التكنولوجي والحصار التقني، مردفا أنها ستواصل تقديم التقنيات الحديثة والقابلة للتطبيق للجانب العربي، بما يساعد الدول العربية على تحقيق تحول القطاعات والارتقاء بمستواها.
ونوه المسؤول الصيني بأهمية الدورة الحالية من المنتدى الصيني العربي للإصلاح والتنمية، واصفا التعاون العربي الصيني بأنه "يتقدم في كافة المجالات بخطوات متزايدة، ويحرز سلسلة من النتائج المثمرة".
ورأى المسؤول الصيني أن معالم التعاون الصيني العربي تبرز في تناسق المواقف السياسية على المستوى العالي، وفي الرقي بالتعاون في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة إلى مستويات جديدة، تضمن للصين مكانتها كأكبر شريك تجاري للدولة العربية، وفي إقامة بنية تحتية تعود بالنفع على الجانبين.
وأكد المسؤول الصيني سعي الطرفين لتعزيز التعاون في مجال الابتكار، بما يحقق اختراقا جديدا، وتشكيل شبكة للتعاون في مجال نقل التكنولوجيا تربط آلاف المؤسسات البحثية وشركات الابتكار في الصين والدول العربية، فضلا عن تعزيز التواصل الإنساني والثقافي بما يزيد من مستويات التقارب.
ونبه المبعوث الصيني الخاص إلى الشرق الأوسط إلى تضاعف التبادل الصيني العربي خلال العقد الأخير، ليصل خلال العام المنصرم إلى أكثر من 430 مليار دولار بزيادة سنوية تجاوزت 30%.
شراكة وندية
رئيس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبد المهدي رأى في كلمته في افتتاح المنتدى أن الصين لا تطرح ضمانات لنفسها على حساب شركائها، بل تطرح الضمانات لها ولشركائها، فلا قوات، ولا مستشارين عسكريين يهددون شركاءهم إذا خالفوهم في شيء، بل شراكة وتعاون ليس إلا.
وأضاف عبد المهدي أن الصين لا تطرح تدمير الشمال، وإنما تسعى لأن يأخذ الجنوب حقوقه بشكل ندي ومتكافئ، وتنتهي سياسات الاستعمار الجديد، فالشمال يبقى قويا، ويستمر الحوار الحضاري في عالم تعددي، ويبقى الجميع حرا في خياراته كنقطة ضامنة تمنع الهيمنة والتفرد.
ورأى رئيس الحكومة العراقية الأسبق أن الغرب لم يدرك إلى اليوم التطورات الجارية، وما زال يرتكب الأخطاء بعنجهية وعدوانية تدفع العرب والصينين وغيرهم للحذر، وبناء شراكات ومجتمعات أكثر صدقية وجدية وفائدة، ناظمها قواسم ومصالح متبادلة.
وتحدث المسؤول العراقي السابق عن وجود إرادة وعزم للمضي قدما في بناء المجتمع الصيني العربي، مردفا أن الصين خلافا للتجارب الاستعمارية التي تحلب وتسرق، وتعمل لإغناء طرف وإفقار آخر، فإن الصين تنادي بالتطور لنفسها ولشركائها، وترفض قاعدة فرق تسد، كما فعلت وتفعل منظومة الهيمنة الغربية.مصالح استراتيجية مشتركة
نائب رئيس الوزراء الأردني الأسبق جواد عناني أكد في كلمته وجود مصالح استراتيجية مشتركة بين العرب والصين، مذكرا بأن مشروع الحزام والطريق الذي يعود إلى آلاف السنين أعيد إنتاجه بطريقة عصرية وذكية.
وأضاف العناني أن العرب يتوقعون من الصين أن تندمج معهم في قضاياهم وأن تكون علاقتهم معها متوازنة، ولا تخضع لمعادلة الصفر عندما تكون الصين على خلاف مع دولة عظمى أخرى.
واعتبر العناني أن عالم اليوم متعدد الأقطاب يتيح فرصة تاريخية يجب أن يستثمرها الطرفان العربي والصين، مردفا بقوله: "نحن نريد أن تكون علاقتنا مع الجميع ثابتة مستقرة. والصين بحكمة قيادتها وعمق تجربتها تعرف أهمية هذا الوضع، وتدرك خطورة الانحياز والتطرف، فنحن الذين عانينا منهما أكثر من غيرنا".
وشدد المسؤول الأردني السابق على أنه يرى مستقبل واعدا، وأكثر إشراقا للعلاقات العربية الصينية، كما أن الصين – يضيف العناني - قادرة أن تكون أكثر تفاعلا وتجاوبا مع قضايانا، ونحن سنكون معها أعمق شراكة وأوسع تعاملا.
ويمثل موريتانيا في الدورة الرابعة للمنتدى الأستاذ الجامعي إسماعيل الخلف، ويقدم ورقة حول مبادرة التنمية العالمية المقدمة من الصين، ودورها تحسين جهد البشر وتعزيز التنمية المستدامة في مختلف أنحاء العالم، كما يتناول المجالات التي يمكن أن تستفيد موريتانيا منها، وخصوصا في مجالات الصحة والتعليم والاقتصاد والبنية التحتية.