
بسم الله الرحمن الرحيم
في ظل التحديات الجسيمة التي يشهدها العالم اليوم، ولا سيما منطقة الساحل، تتعاظم إشكالية الهجرة غير الشرعية، التي أملتها الظروف الاقتصادية والسياسية العصيبة في العديد من الدول. وقد أفضت هذه الأوضاع إلى موجات نزوح واسعة، جعلت من وطننا الغالي، موريتانيا، وجهة مفضلة للكثير من المهاجرين، لما تنعم به من أمن واستقرار، وما تتميز به من انفتاح واحتضان للجميع، فضلاً عن موقعها الجغرافي الاستراتيجي القريب من أوروبا.
وفي مواجهة هذه التحديات، حرصت الحكومة الموريتانية، وبتوجيهات حكيمة من فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد الشيخ ولد الغزواني، على انتهاج مقاربة متوازنة تجمع بين الالتزام بالقوانين الوطنية والدولية من جهة، وصون كرامة الإنسان وحماية حقوقه من جهة أخرى. وقد شملت هذه الجهود اتخاذ تدابير تنظيمية تضمن دخول المهاجرين وإقامتهم ضمن إطار قانوني واضح، بما يحقق المصلحة الوطنية ويحفظ في ذات الوقت القيم الإنسانية التي دأبت بلادنا على احترامها.
غير أن هذه الخطوات، التي تندرج في سياق سيادي بحت، ترافقت مع حملة تضليل إعلامي واسعة النطاق، جرى ترويجها عبر بعض منصات التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى التباس لدى بعض الأوساط في دول شقيقة وصديقة. وهنا، أود أن أطمئن جالياتنا في تلك البلدان بأن الأمور تسير وفق نهج منظم ومسؤول، بعيدًا عن المبالغات والمغالطات التي قد تثير القلق أو سوء الفهم. وأحثهم على عدم الانسياق وراء الشائعات، والحرص على الالتزام بتوجيهات بعثاتنا الدبلوماسية، ومراعاة القوانين المنظمة في البلدان المضيفة، التي تربطها ببلادنا وشائج الأخوة والتعاون المتين، والتي لن يعكر صفوها أي التباسات ظرفية.
ولا يفوتني في هذا السياق، أن أعبر عن بالغ التقدير لنهج حكومتنا الرشيدة، التي أبدت مقاربة مسؤولة وعادلة تجاه ملف الهجرة، مؤكدةً التزامها الراسخ بالشرعية الدولية ومبادئ حقوق الإنسان، بما يرسخ صورة موريتانيا كدولة قانون، تتعامل مع التحديات برؤية واعية وحكمة متبصرة.
ختامًا، فإن المرحلة الراهنة تستدعي منا جميعًا مزيدًا من التكاتف والتعاون، لما فيه مصلحة الاستقرار الإقليمي، وضمان الأمن والتنمية المستدامة، في كنف التفاهم المشترك والتضامن الأخوي.
النائب عن دائرة إفريقيا
أحمدو ولد بوفشه