
في قلب الجغرافيا الموريتانية، وعلى ضفاف نهر السنغال، وبين زرقة المحيط الأطلسي وهدير الرمال الذهبية، تتربع ولاية اترارزه كواحدة من أغنى ولايات البلاد من حيث الموارد السياحية الطبيعية والثقافية.
فهي لا تقدم فقط مناظر خلابة ومتنوعة، بل تحكي قصة حضارة، وتاريخ، وهوية متجذرة في أعماق الصحراء والماء. وبفضل موقعها الاستراتيجي جنوب غربي موريتانيا، وتنوعها البيئي والسكاني، أصبحت اترارزه وجهة واعدة على خارطة السياحة الوطنية والدولية، تستقطب المهتمين بالطبيعة والثقافة والتاريخ.
أولا: الطبيعة
ومن أبرز المقومات الطبيعية لولاية اترارزة كوجهة سياحية متميزة ثراء تنوعها الطبيعي، الذي يجمع بين الشواطئ الرملية البكر الممتدة على طول المحيط الأطلسي، والسهول الزراعية الخصبة التي ترويها مياه نهر السنغال، مما يمنحها طابعًا بيئيًا وزراعيًا نادرًا، إلى جانب غابات المنغروف، التي تعتبر من الأنظمة البيئية النادرة والمهمة في التوازن البيئي، مع الكثبان الرملية المتناثرة، والتي تمنح الزائر مشاهد صحراوية آسرة، دون أن ننسى حوض جاولينغ، الذي يُعد واحدًا من أهم المواقع البيئية والسياحية في موريتانيا، إذ يُهاجر إليه سنويًا ملايين الطيور النادرة، وكذا محمية آوليكات في مقاطعة واد الناقة، وهي محمية بيئية فريدة تؤوي حيوانات مهددة بالانقراض، ونباتات انقرضت من معظم المناطق، مما يجعل منها محمية ذات أهمية علمية وسياحية بالغة.
ثانيًا: الغنى الثقافي والتراثي
فولاية اترارزه ليست فقط واحة طبيعية، بل هي كذلك مهد للثقافة والعلم، إذ تُعد من أبرز الولايات الموريتانية من حيث وجود المحاظر العلمية التقليدية التي خرّجت آلاف العلماء والفقهاء، إلى احتوائها على مخطوطات ومكتبات نادرة تمثل جزءًا من الذاكرة المعرفية الوطنية ؛ إضافة إلى انتشار الصناعات التقليدية فيها والتي تمثل جزءًا أصيلًا من الهوية الموريتانية، ناهيك عن تميزها بـفنون الطبخ المحلية التي تعكس تلاقح التأثيرات البيئية (البحر، النهر، المراعي).
وتضم الولاية أكثر من 15 مزارًا دينيًا تُقام فيها زيارات موسمية، وتعد هذه المزارات عامل جذب للزوار المهتمين بالسياحة الدينية والروحية.
ثالثًا: المواقع السياحية
توجد في الولاية مناطق ومواقع سياحية بارزة، تحتاج فقط إلى التثمين والترويج لتتحول إلى أقطاب جذب عالمية، ومن أبرز هذه المواقع منطقة جوخة (مقاطعة أركيز): ذات مناظر طبيعية ساحرة، و كندلك وأكان (مقاطعة بوتلميت) حيث مناطق تتميز بجمال طبيعي فريد.
وفي ظل التطورات التي يشهدها قطاع السياحة على الصعيد الوطني، أصبحت السياحة في اترارزه تمثل موردًا اقتصاديًا حيويًا قابلًا للتطوير. وفي هذا الإطار، صرّح السيد أمبيريك ولد الفاللي، المندوب الجهوي للمكتب الوطني للسياحة بالولاية، بأن اترارزه تعد ولاية ذات مؤهلات استثنائية، وأن الاستثمار في تثمين مواقعها السياحية يمكن أن يحولها إلى قطب سياحي على مدار العام.
وأشار إلى أن موقع الولاية الحدودي مع السنغال، وتعدد مكوناتها السكانية، ساهم في منحه موقعا مميزا، مستعرضا بعض الإجراءات التي تم القيام بها على المستوى الوطني لترقية أداء القطاع السياحي كرفع أجور العاملين في القطاع واستقطاب كفاءات جديدة وتكوينها، بالتعاون مع مؤسسات تعليمية دولية، وتوقيع اتفاقيات شراكة لتكوين الفاعلين في القطاع من مرشدين ومسيري الفنادق والشركات السياحية، بما يعزز من جودة الخدمات المقدمة للسياح، ويرفع من مستوى الاحترافية في المجال.
وفي هذا الصدد دعا المندوب الجهوي للسياحة كافة الفاعلين المحليين، من أطر ومنتخبين، إلى المساهمة في تثمين هذه الموارد الفريدة، وتقديم الدعم اللازم لإنجاح جهود المكتب الوطنيللسياحة.
إن ولاية اترارزه ليست مجرد ولاية حدودية ذات طابع زراعي، بل هي وجهة سياحية متكاملة تمتلك كل مقومات الجذب الطبيعية والثقافية والدينية، ومع الجهود الجارية على المستوى الوطني، فإن الاستثمار في هذا القطاع على مستوى اترارزه سيكون له عوائد تنموية واقتصادية كبيرة، وسيجعل منها واحدة من أبرز الوجهات السياحية في بلادنا.