تعدّ قصة "الأمير الصغير" للكاتب الفرنسي أنطوان دي سانت-أكزوبيري (1900 – 1944) إحدى أشهر الأعمال السردية في العصر الحديث، وهو أمر تؤكّده ترجمتها إلى معظم اللغات العالمية الرسمية، قبل أن تصل إلى لغات أقل شهرة، حيث أعلنت مؤسسة "سان أكزوبيري" (المعنية بمتابعة تراث الكاتب الفرنسي) في بيان لها مؤخراً أنها وصلت اليوم إلى 300 لغة آخرها اللغة الحسّانية.
أشرفت على إنجاز هذه الترجمة "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان" في المغرب، علماً أن الحسانية هي إحدى اللهجات الصحراوية المعترف بها في المملكة، وهي لهجة (البعض يعتبرها لغة) وسيطة بين العربية والأمازيغية حيث يستعير معجمها الكثير من الألفاظ من اللغتين، ويجري الحديث بها في جنوب المغرب والجزائر وشمال موريتانيا، وتستعمل الأبجدية العربية في الغالب رغم أنها تحتوي حروفاً لا تُنطق في العربية.
على ضوء ذلك، أي دلالات لوصول "الأمير الصغير" إلى الحسانية؟ هل نقرأ ذلك من موقع العمل نفسه وقدرته على تسويق نفسه، خصوصاً حين نعرف أنه حين نشر أوّل مرة سنة 1943 صدر بالتزامن بلغته الأصلية، الفرنسية، وبالإنكليزية؟ أم نقرأه كجزء من سياسات ثقافية تعتمدها المؤسسة المغربية ضمن توجّهات عامة تجاه الصحراء؟
يرى شق أن ثمة علاقة أخرى بين ترجمة عمل سانت-أكزوبيري والحسانية، وهو أن من بين أحداث قصة "الأمير الصغير" توقف طائرة الرواي (الكاتب الفرنسي كان هو الآخر طياراً) في الصحراء، وهو منعرج القصة، الذي طالما اعتبره النقّاد إسقاطاً بيوغرافياً يعود فيه الكاتب إلى زياراته بالطائرة إلى جنوب المغرب.
قد تصحّ جميع هذه القراءات في تفسير وصول "الأمير الصغير" إلى الحسانية، ولكن قبل ذلك أليس أجدى التساؤل عن واقع انتقال الأعمال العربية إلى هذه اللهجة المجاورة؟