كثيرا مايتحامل البعض على العلاقة القائمة بين الأسياد وأرقائهم القدماء،وخاصة هذه الأيام.
وحين نتابع تلك الكتابات والتعليقات حول هذه العلاقة لا نحس وللأسف بتجرد الكاتب من نفسه وهواجسه ليتأتى له أن يكتب ماينفع القارئ ويمكث في الأرض.
فتراهم يتحاملون على بعضهم البعض خاصة سود البيظان على بيضهم تحت يافطة الحرية والدعوة إلى الإنعتاق.
وحين تمعن النظر في المكتوب وتقرأه متجردا من ذاتك لا تجد له مبررا سوى أن بعضهم جبل على ماجبل عليه من سوء الظن بالآخر والمشاغبة على الرأي العام من أجل حاجات الله وحده العالم بها والظاهر من حاله أنه يبيع الوطن والمجتمع تقربا إلى جهات أخرى أثبت التاريخ والتجربة عداءها وجاهزيتها للتمويل السخي لكل ما يثير الفتن في بلد ظل مستعصيا على ذلك بفعل تماسك مقومات شعبه وثبات دينه.
ولعل أمثال هؤلاء فات عليهم أن شعبنا قد ظل حينا من الدهر متماسكا ومهما حاول الغير تفرقته باءت جهوده بالفشل.
ولا يرى هؤلاء انهم يقلبون المعادلة حين يكذبون على شعب بريء ويجرونه إلى غير سبيل الرشد بحجة الدفاع عن حقوقه والسعي إلى مصالحه وكان الأجدر بهم أن يعلموا أن الكذب الذي حرمه الله وتبرأ صلى الله عليه وسلم من صاحبه،يكون مباحا حين ينشد الوحدة والتآخي بين إثنين أحرى إذاكان شعبا برمته.
ولا أريد في هذه اللفتة التأملية أكثر مما هي توعوية إلا أن انبه إلى نقطتين إثنتين:
_الأولى:حول ما يروج له البعض من غبن صارخ تعاني من شريحة لحراطين على أيدي إخوتنا البيضان وإن كنت اقول هذه المصطلحات لا لإيماني بها وإنما لفرض الظرف لها فهي لغة المخربين الآن إبيضت جلودهم أم إسودت ،ولايفوت على بعضهم التعريج إلى الزنوج مصدر الثراء الآخر للوحدة الوطنية.
فأقول بل واذكر بأن العهد النبوي كان مليئا بالفئات
من أوس وخزرج وفرس وروم .......الخ ،الشيء الذي حقق له ثراءا ندر قبله وبعده وإن هذا العصر لم يسلم من التجاذبات العرقية والقبلية حتى بين قريش أنفسهم غير أن وجود النبي صلى الله عليه وسلم ظل حزام أمان حال دون إستعمال تلك الحيثيات في غير محلها. ولك إن تستحضر قولته الشهيرة صلى الله عليه وسلم لما توزع القوم كل إلى حيث ينتمي ولم
يجعلوا لسلمان الفارسي بينهم نصيبا فقال صلى الله عليه وسلم
( سلمان منا أهل البيت )ومن ذا يبغي رتبة فوق ذلك.
ولو كان منهم من قلبه مريضا لادعى ما يدعيه البعض اليوم من عنصرية وغبن
ومع تطور الظروف اليوم وحاجة أبناء الطبقات المحرومة -بفعل التأثر بآثار الرق أو الفقر او غير ذلك_ إلى من يرشدها إلى ماينفع ولا يضر وان يأخذ بيدها إلى برّالامان بعيدا عن المزايدة وإمتطاء أحوال الناس للنيل من الحكام من جهة والتقرب للغرب العدو من جهة اخرى.
صار لابد من إثارة الموضوع مع المهتمين من إبناء الوطن والتنبيه إلى أن هؤلاء أحوج مايحتاجون إليه من يرشدهم إلى تدريس أبناءهم والسهر على ضحض الجهل وهزيمته بينهم ومعرفة أن الجهل اليوم لا يعني الجهل بالأمس إذ ليس العلم اليوم هو العلم بالامس وتوجيه عوام هؤلاء إلى الإستثمار في العقل البشري أكثر من السهر على التنمية الحيوانية والمزارع الريفية التي دائما يذهب ضحيتها نسل برمته وفي النهاية تاتيها جائحة تذهب بيها ويكون الأولاد حينها ضاعوا فيما ضيعوا فيه.
ثم إن القانون لما حرم الإسترقاق حرمه عل كل موريتاني ونحن للأسف نرى من يمتطونه للنيل من الوطن أولا وإخوتهم ثانيا إنما يفعلون ذلك فقط بين البيظان على حد قولهم في حين انك تجد الأب يقوم بتشغيل إبنه في المزارع والتنمية وهو لم يصل سن الرشد بعد وهذا جرم بصريح القانون ولا أحد يهتم له رغم انه أحق بالمساءلة فالشاعر يقول
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة@على المرء من السهم المهندي
اما إذا تجاوزت ذلك إلى الخروقات والتأثر بالعبودية عند فئة مجتمعنا من الزنوج ترى مالا يصدق حتى أن البعض منهم لا يحل دفن العبد والسيد في مقبرة واحدة وما رأينا وماسمعنا من أبدى إمتعاضه من ذلك وجعله في ما يحرم القانون،الشيء الذي يضع تساءلات كثيرة ممن تنقصهم الحكمة والخبرة أمثالي عن موضوع الرق في موريتانيا اللهم إلا إذاكانت المسألة مسألة بياض وسواد كما في أمريكا الذين يردون أصول السود إلى إفريقيا وعدم أحقيتهم في المواطنة
ثم أقول إن لحراطين هؤلاء كلما أوكلت السلطات مهمة إلى أحدهم سيختار لها من يثق في دعمه ومساعدته على النجاح وسوف ينعكس ذلك على تعيناته وتكليفه لمن حوله بالمهام
لا لدعمه وتجاهله للغير ولا لسحب البساط من تحته وإنما حرصا على نجاح المهمة وثقة في من جربهم اما عن ولاء او قرابة أو صداقة قديمة أو ولاء سياسي أم شيء من ذلك القبيل.
ولك أن تتصل بأي من هؤلاء وتعلن إنضمامك له وتنتظر ماهو فاعل معك فلن يوكل إليك أدنى مهمة حتى يتأكد من نواياك ومواقف الشيء الذي قد تنتظره طويلا.
وانا شخصيا لا أرى العيب في ذلك حيث كريم الله موسى عليه السلام لما أوكل الله له مهمة الرسالة وهي طبعا مضمونة النتائج سأله:(ربّ إشرحلي صدري ويسرلي أمري وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعلني وزيرا من اهلي هارون أخي إشدد به ازري........)صدق الله العظيم
تلاحظ انه ما طلب وزيرا من عامة امته بل قال من أهل وتجاوز ذلك إلى أن خص أخاه بالذكر والنتيجة أن يسبحوا الله كثيرا وكأن غير اخاه لايمكنه ذلك أو ليس الله بقادر على إن يحقق له ذلك بغير هارون أو أنها رسالة تجسد لنا أن الإستعانة بالرقابة إن لم تكن مكرمة لاتعد خطيئة
ثم إن الأمر وصل مع بعضهم إلى أن صنف الجريمة إلى جريمتن إذا وقعت بين لحراطين أنفسهم متجاوزة اما إذا كانت بين الحرطاني والبيظاني فهي عنصرية سواء تعلق الأمر بالنزاعات العقارية أو حوادث السير أو حتى القتل والإغتصاب وحسب علمي لا مبرر لهذا في الإسلام ولا في القانون وحسب ما أسلفت الرد عندكم السادة القراء فانا أثير الموضوع ولا أفقه فيه الصواب.
النقطة الثانية: ما يحاول غير الرشاداء من عنصر البيظان البيض أن يسايرو فيه أمثالهم من السود فيدعون إلى حمل السلاح ضد بعض